الرئيس أحمد الصفدي.. ونَفَسُ الجماهير الغاضبة
عدي صافي
مع بداية "طوفان الأقصى" ادّعيت ومعي كثيرون أنّها معركة ستطول؛ لأسبابٍ شتّى، كان أبرزها مخططات الصهاينة، وبحثهم عن انتصارٍ وهمي، وغاياتٍ توسعية شرقي النهر وإلى صحراءِ مصر الواسعة.
واعتقدت أن الدولة الأردنية لن تلقي بأوراقها الدبلوماسية التصعيدية في سلة واحدة، بل ستتدرج هويناً هويناً لتخلق ضغطاً على العالم أولاً، وعلى الصهاينة في وجه الخصوص.
وقد كانت الأيام الماضية حبلة بالتصعيد التسلسلي المدروس من قبل صناع القرار، والمقدّر على نحو واسع في الصعيد الحزبي والشعبي.
الدولة بقيادة الملك، تتبعه الحكومة ومجلس الأمة بشقيه، عملوا ضمن خطة واضحة المعالم، بدأها الملك بجولاتٍ طافت العالم؛ غيرت السردية الصهيونية ورطقت جراح الأمة التي ابتلعها الإنقسام.
وبعد ذلك بتنا نشهد موقفا يرتقي إلى درجة تقترب من مطالب الجماهير، فشدّدت الحكومة على "إعلان حالة الحرب"، إذا ما ذهب الصهاينة نحو التهجير، وتابعنا أولى خطواتنا التي وصلت إلى أعلى درجات القسوى الدبلوماسية حينما نادت الحكومة سفيرها عند العدو، ومنعت سفير الأخير من المرور إلى شرق النهر "أرض الرباط".
الدولة لم تتوقف عند هذا الحد، بل صعدت على لسان رئيس وزرائها ووزير دفاعها، إلى أن جاء دورُ مجلس النواب، ممثل الشعب وحامل نداءاته.
في الحقيقة قدّم المجلس اليوم الإثنين جلسة استثنائية بكل ما للكلمة من معنى، قادها وكما العادة بإقتدار وتنظيم وانسيابية رئيس المجلس أحمد الصفدي، الذي بات متمرسا على تحريكِ دفة النواب، بما يتماشى ويتوافق مع حقّ الجماهير التي أوصلت كل نائب إلى مقعده أسفل القبة.
كلمات الجلسة الطارئة التي أعتقد أنها جاءت متأخرة نوعاً ما، كانت على قدر الحدث، لا سيما كلمة الصفدي وعدد من أعضاء المجلس؛ فالصفدي سمّى الأمور بمسمياتها، لم يجامل، أو يهادن، وبطبيعة الحال هو غير معني بأن يكون دبلوماسيا، مع عدو لا يعرف الكلام، حيث وصفهم الرئيس بما يليق بهم وهاجمهم وبدأ العمل لمحاسبتهم.
وركز الصفدي بحديثه على دعم المقاومة الفلسطينية وهو دعم لطالما أمل الناس أن يروه منذ بدء العدوان الذي اقترب من يومه الـ٤٠ لا سيما مع الدعم الغربي الذي لا ينتهي مدده، كما اتخذ الصفدي ورفاقه قرارا حقيقا حينما طالبوا لجنتهم القانونية بمراجعة كل الإتفاقيات مع العدو، وهي الدعوة التي برّدت صدور الأردنيين قليلاً؛ علّها تجيء بقرار قاطع، يلغي معاهدة نادى الناس برميها مذ وقعت قبل ٢٩ عاماً من اليوم.
وإني أرى أن مجلس النواب بشكل عام، ومجموعة من أعضائه بشكل خاص، والصفدي رئيسه بشكل محدد، لبّوا اليوم غاية الناس، واستخدموا نفس الجماهير ليدعموا موقف الدولة التي أظن أنها مدركة أكثر منّا جميعا بأن الصهاينة لا يؤتمنُ جانبهم، وأن الأخطار باتت تحدقُ بنا من الشمال المتعطش للمخدرات، والشرق الذي تملؤه الميليشيات الإيرانية المتواطئة، والغرب الذي يحتضن مقاومتنا، وتسير في أرضه عقارب الإحتلال وأفاعيه السامة، وإن الأفاعي لا تؤتمن، حتى بعد قطع رأسها.
وأظن أن المطلوب من المجلس أن يكمل ويواكب التطورات، وأن يضغط للمزيد من التصعيد والضغط؛ فإن ترف الرقت، خبارا غير مطروح في ظل ما يرتكبه المحتل من مجازر لا تتوقف أبدا، كما أنني أدّعي أن الدولة بقيادتها ومؤسساتها التنفيذية والتشريعية الرقابية ستمضي قدما لتظل تسير كتفا بكتف مع فلسطين وشعبها الأعظم.